بولاليه، إثيوبيا

كانت أمطار عام 2021 مخيبة للآمال في إثيوبيا، التي ظلت على مرّ أعوام أسيرة لدوامة من الجفاف المدمر. وقد عمد رعاة الإبل هؤلاء، عند سماعهم شائعات عن هطول أمطار بالقرب من الحدود الصومالية، إلى السير مدة 12 يومًا للبحث عن مرعى هناك، ولكن بلا جدوى؛ ليعودوا أدراجهم في مسير استغرق 12 يومًا أخرى لاستخراج الماء لإبلهم من هذه البئر القريبة من مسكنهم. وتعد الحرب الأهلية أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل زُهاء 13 مليون إثيوبي -أكثر من عُشر إجمالي السكان- يواجهون أزمة شديدة من انعدام الأمن الغذائي. لكن التغير المناخي يظل من العوامل المساهمة، إذ تتواتر موجات الجفاف الكبرى في شرق إفريقيا.عدسة: لينسي أداريو

ميناء نيكو، أنتاركتيكا

تعشش بطاريق "جينتو" في شبه الجزيرة القطبية الجنوبية حول فقرة حوت بائد، وهي تذكرة من الزمن الذي كان فيه صيد الحيتان شائعًا بالمنطقة. فقد ارتفعت درجات الحرارة الشتوية هنا إلى مستوى محيّر قدره 6 درجات مئوية منذ عام 1950؛ أي أكثر من خمسة أضعاف المتوسط العالمي. وأصبح موسم الجليد البحري الآن أقصر بنحو ثلاثة أشهر مما كان عليه في السابق. أما أعداد بطريق "أديلي" والبطريق "شريطي الذقن" اللذين يصطادان القرديس (الكريل) في عرض البحر ويعتمدان على الجليد البحري، فهي آخذة في التناقص. لكن بطاريق جينتو، التي تتميز بمرونة أكبر، تزدهر وتنمو على الشواطئ والمياه الخالية من الجليد؛ وقد زادت أعدادها في العالم ستة أضعاف منذ ثمانينيات القرن الماضي.عدسة: توماس بي. بيشاك

فيرفن، النمسا

أكثر من ألف عام.. ذلك هو العمر التقديري لأجزاء من جليد المنظومة الكهفية "آيسريزنفيلت" (عالم عمالقة الجليد) التي يبلغ طولها 42 كيلومترًا. يتشكل الجليد في الداخل لأن الشقوق في السقف تسمح للثلج الذائب بالتسرب إلى داخل الكهف في فصل الربيع، فيما يتصاعد الهواء الدافئ باتجاه الخارج، ليُبقي على درجة الحرارة دون التجمد. ومع ارتفاع حرارة كوكب الأرض، تتعرض الكهوف الجليدية الواقعة في عمق الجبال للذوبان على غرار الأنهار الجليدية في جبال الألب. لكن هذا الكهف الجليدي، وهو أحد المعالم السياحية الرئيسة التي تحوي زُهاء 30 ألف طن من الجليد، يبدو متمسكًا بجليده في الوقت الحالي؛ ربما لأن له بابًا عند المدخل و"مداخن" كبيرة جدا لإخراج الهواء الدافئ.عدسة: روبي شون

براوني هيلز، كولورادو

تتدافع خيول برية في كولورادو على امتداد منطقة شديدة الجفاف حتى إن الغبار يتصاعد عند أدنى تلامس لحوافرها مع الأرض. وقد شهد الغرب الأميركي في عام 2021 مستويات استثنائية من الحرارة والجفاف؛ وفي الجنوب الغربي، كان هذا العام إيذانًا بالدخول في "موجة جفاف كبرى" مدة عشرين عامًا لم يسبق أن سُجل مثيل لها من حيث قساوتها خلال القرون الاثني عشر الماضية. لكن هذا الطقس الساخن والدافئ الذي ما فتئ يحطم الأرقام القياسية منذ الأعوام القليلة الماضية لن يمثل، على حد قول عالم المناخ "براد أودال"، سوى بعض السنوات الأكثر اعتدالًا خلال المئة عام المقبلة؛ لأن الطقس سيصبح أسخن.. فما هذه سوى البداية".عدسة: إليوت روس

غابة لاسين الوطنية، كاليفورنيا

خاض رجال الإطفاء معركة شرسة على مرّ شهور في عام 2021 لاحتواء حريق "ديكسي" في كاليفورنيا الذي أتى على ما يقرب من 400 ألف هكتار، ودمر معظم أجزاء بلدة غرينفيل التي يناهز عدد سكانها الألف نسمة. فلقد زاد عدد حرائق الغابات ونطاقها في غرب أميركا الشمالية خلال الأعوام الأخيرة؛ ويُعزى ذلك جزئيًا للتغير المناخي، إذ يزيد شدة الأجواء الحارة التي تمتص الماء من النباتات الحية والنافقة؛ وذلك ما يقوي احتمال تسببها في إشعال شرارة الحرائق. ويتفق العلماء على أن جزءًا من الحل يكمن في الاستخدام الموسَّع للنار "الحميدة"؛ وهي حرائق منخفضة الشدة ومتحكَّم بها تقضي على الأوراق والأغصان المتساقطة على أرضية الغابة، فيَقِلّ الوقود الذي يشعل حرائق الغابات.عدسة: لينسي أداريو

أوروبيسا، البيرو

على علو يناهز الـ 5200 متر في جبال الأنديز بجنوب البيرو، تحمل "ألينا سوركييسلا غوميز"، وهي من الجيل الثالث من مُربّيات الألباكا، أحد صغار هذا الحيوان في طريقها إلى المروج حيث سيرعى قطيع عائلتها المكون من أكثر من 300 رأس خلال الصيف. فقد أدى انحسار الأنهار الجليدية وزيادة الجفاف إلى نضوب المراعي في جبال الأنديز؛ ما دفع الرعاة -وكثير منهم نساء- إلى البحث عن مناطق رعي جديدة يتسم أغلبها بتضاريس وعرة. وتُعد حيوانات الألباكا، المرغوبة بفضل صوفها، عنصرًا مهمًا في الثقافة البيروفية ومورد دخل رئيس في هذه المنطقة التي تؤوي ملايينَ منها.عدسة: أليساندرو سينك

محمية تسوالو كالاهاري، جنوب إفريقيا

مع بزوغ الفجر، تخرج حيوانات السرقاط من جحورها لتنعم بدفء أولى أشعة الشمس المشرقة. لكن يبدو أنها لم تعد تحتمل حرارة صحراء كالاهاري المتنامية. فمع تصاعد حرارة الصيف بالمنطقة، وجد العلماء أن صغار السرقاط تنمو بوتيرة أبطأ وأن البالغة تنفق بسرعة أكبر؛ وهو منحى يخافون احتمال أن يزداد سوءًا. لكن المشكلةلا تقتصر على الحرارة فحسب؛ فعندما تغيب الأمطار، تتأثر الأعشاب، وتتناقص أعداد النمل العادي والنمل الأبيض، وتكافح الحيوانات الآكلة للحشرات كالسرقاط من أجل البقاء.. وهو مثال حي على ما يحدثه التغير المناخي من اختلال للتوازن البيئي الهش الدقيق حتى في بيئة ساخنة.عدسة: توماس بي. بيشاك

المنـاخ

حرائق غابات هائلة، وموجات جفاف، وحرارة غير مسبوقة، وذوبان أنهار جليدية، وارتفاع منسوب البحار، وعواصف شديدة.. لقد ظلت أجراس الإنذار تدق منذ أعوام، لكن عام 2021 أظهر أن تغير المناخ موجود بين ظهرانينا ولا يمكن تجاهله.

قلم: روبرت كونزيغ

1 يناير 2022 - تابع لعدد يناير 2022

كافحنا منذ عقود لكبح جماح التغير المناخي، كانت هناك لحظات بَدت لنا حينها مثل نقاط تحول إيجابية. ففي عام 1992، وقّعت دول العالم، وسط صخب إعلامي كبير، على معاهدة في مدينة ريو دي جانيرو حمَلت تباشير مرحلة جديدة من العمل. وفي عام 2015، تعهدت الدول في باريس، بعد مفاوضات أثارت كثيرًا من الجدل والخلاف، باعتماد خطط وطنية للحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحـراري. ومـع ذلك، استمــرت انبعـاثـات الكربون من الوقود الأحفوري في الارتفاع على الصعيد العالمي.. حتى عام 2020 إذ انخفضت بنسبة بلغت 7 بالمئة نتيجة لانخفاض استخدام الوقود الأحفوري أثناء عمليات الإغلاق بسبب "كوفيد19-". 
ولكن في عام 2021، بدأت الانبعاثات تتصاعد مجددًا، واستعر النقاش العام أيضًا بشأن التغير المناخي. ففي شهر سبتمبر، وبعد صيف حافل بالظواهر المناخية الشديدة التي تسببت بحالات من الدمار والموت، أظهر استطلاع للرأي أجرته "جامعة ييل" و"جامعة جورج مايسون" أول مرة أن غالبية الأميركيين باتوا يرون أنهم يتضررون من التغير المناخي.. حاليًا. فهل يمثل عام 2021 أخيرًا نقطة تحول في الرأي العام بشأن المناخ؟ لمعرفة ذلك، تحدثت أنا ومراسلة ناشيونال جيوغرافيك "أليخاندرا بوروندا" إلى المراقبتين الخبيرتين: "كاثرين هايهو"، عالمة المناخ لدى "جامعة تكساس للتقنية" وكبيرة العلماء في منظمة "صون الطبيعة" ومؤلفة كتاب "إنقاذنا" (Saving Us)؛ و"كاثَرين ويلكنسون"، كاتبة ذات مؤلفات رائجة ومدوِّنة صوتية ومحررة مشاركة لكتاب "كل ما يمكننا إنقاذه" (All We Can Save) الذي يحوي بين دفتيه مقالات عن المناخ بأقلام نسائية.

كونزيغ: أليخـانـدرا، لقـد واصـل الطقـس في هذا العام إيجاد طُرق جديدة لترويعنا.
بوروندا: إنـه استمـرار لمنـحى نحـو مـزيد من الظواهـر الشـديـدة غيـر المعهـودة. فهنـا في كاليفورنيا، اتضح في وقت جد مبكر [من عام 2021] أنه سيكون عام جفاف شديد وربما عام حرارة شديدة. فكنا نعاين نضوب مجاري المياه، ونفوق صغار السلمون، وجفاف الآبار. وعندما بدأ موسم الحرارة، عاينَّا موجات حر غير مسبوقة على الإطلاق في شمال غرب المحيط الهادي. ثم اندلعت الحرائق، وهو أمر آخر اعتدناه. والحال أننا لا نتحدث هنا إلا عن الغرب الأميركي، إذ إن أمورًا أخرى تقع في جميع أنحاء الكوكب: فيضانات مدمرة في أوروبا والصين أودت بحياة المئات وكذا في مناطق -خلال إعصار "إيدا"- تمتد من ساحل الخليج الأميركي وصولا إلى الشمال الشرقي. ففي كل عام، نقوم بصفتنا مراسلين لشؤون المناخ بفهرسة الكوارث.

هايهو: إن ما بدأنا نتمكن من عمله -نحن العلماء- هو وضع أرقام تمثل مقدار السوء الذي يضيفه التغير المناخي إلى أحداث بعينها. وهي أرقام تبعث على الرعب. فمع الفيضانات المميتة التي اجتاحت ألمانيا، أوضحت دراسة العَزْو السببي أن احتمال حدوثها قد ازداد بتسعة أضعاف نتيجة للتغير المناخي. ومع حرائق الغابات وانتشار موجات الحر الشديد في الغرب، فإن احتمال حدوثها فاق 150 مرة. وأرى أن أفضل طريقة لتوصيف ما يحدث لا تتلخص في الاحترار العالمي؛ بل في الغرابة العالمية. فمن الأكيد أن الأمور أضحت تزداد غرابة على غرابة.

كونزيغ: كاثرين ويلكينسون، لقد تحدثتِ في الماضي عن "صحوة كبيرة" للرأي العام. فهل يحدث ذلك فعلا؟

ويلكينسون: في الواقع، إن الزخم المتعاظم لأحداث الطقس الشديدة يتوازى مع ما نشهد من انخراط عامّ للناس على نطاق واسع. إذ أرى أن عددًا متزايدًا من الأفراد يسألون: ما الذي يمكنني فعله؟ كيف يمكنني أن أقدم المساعدة؟ لذا ينصَبُّ كثيرٌ من عملي حاليًا حول محاولة مساعدة الناس على المشاركة في هذا التحول العظيم.
كونزيغ: سبق لكِ أن كتبتِ ذات مرة جملة عن كل هذه الأمور استرعت انتباهي حقًا، وهي: "إنه لأمر رائع أن يظل المرء حيًا ليعايش لحظة مهمة للغاية". ولطالما تساءلت إنْ كنا ننقل هذه الإثارة بصفتنا صحافيين. كاثرين هايهو، هل تنشغلين بذلك؟

هايهو: أتابع هذا الأمر بانشغال كبير، حتى إنّي ألَّفت كتابًا مخصصًا بالكامل لهذا الموضوع، وهو " إنقاذنا". ففي خضم التغير المناخي، نشعر أن كاهلنا مثقل بالقصص المليئة بالموت والدمار والتي لا علاقة لها بنا، ومن ثم نقطع كل صلة بها. فنقول، "حسنًا، لا يمكنني فعل أي شيء لإنقاذ الدببة القطبية". والحال أننا نحتاج في الواقع إلى قصص عن كيفية تأثير التغير المناخي فينا بطرق تُشعرنا بصلتنا المباشرة به.. وقصص عن جميع الحلول الرائعة الموجودة.
لكن ذلك [حل التغير المناخي] لا يقتصر على الإعلام فحسب، بل إن الأمر متروك لنا جميعًا. فالسبب في اختفاء العبودية اليوم، والسبب الذي يمكِّن المرأة من التصويت، وسبب إقرار قانون الحقوق المدنية هو أن عامة الناس قرروا أن العالم يجب أن يتغير. ينبغي لنا أن نبث النشاط في كل فرد منا.

كونزيغ: ما الذي كان مصدر إلهامك في الآونة الأخيرة؟

بوروندا: إنها تقارير عن الظل في لوس أنجلوس. فلبعض المجتمعات عدد هائل من الأشجار، فيما مجتمعات أخرى ليس لديها سوى عدد قليل. وقد تسنّى لي قضاء بعض الوقت مع أشخاص يحاولون حل هذه المشكلة، شباب يزرعون الأشجار في مجتمعاتهم المحلية وكأنّ لسان حالهم يقول: سأنجز شيئًا هنا، في مكان يهمني، وللأشخاص الذين أهتم بهم.

هايهو: أقيم في عام 2021، خلال الجائحة، معرض افتراضي للعلوم. وفاز فريق من طلاب الصف السادس بولاية تكساس -حيث أعيش- في مسابقة وطنية لمشروع يُعنى بكيفية إعادة الكربون إلى التربة. فقد طوروا برنامجًا لتوعية المزارعين المحليين بشأن الزراعة بلا حراثة والممارسات الزراعية المتجددة. فلئن تمكن طلاب الصف السادس من إحداث الفارق وإذكاء الوعي ليجعلوا من المزارعين أبطالا في الحلول المناخية، ألا يستطيع الجميع القيام بذلك؟
وعندما ألقي نظرة إلى الصورة الأشمل، تتكشف حقيقة تفيد أن 90 بالمئة من الطاقة الجديدة المُركبة على مستوى العالم خلال تفشي الجائحة عام 2020، كانت طاقة نظيفة. ويُدرك المرء حينها أن التصدي للمناخ ليس كمثل صخرة عملاقة تقبع في أسفل تل شديد الانحدار، بل إنها في أعلى التل، وملايين السواعد تعمل على دفع تلك الصخرة إلى أسفل التل، في الاتجاه الصحيح. وكل ما نحن بحاجة إليه هو.. مزيد من السواعد.

وحيـش يأبى الثبات

وحيـش يأبى الثبات

ترقُّبُ اكتشافات الديناصورات يعني أن وجهة النظر بشأنها لا تفتأ تتغير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟

لحظات مذهلة

لحظات مذهلة

يحكي مصورو ناشيونال جيوغرافيك، من خلال سلسلة وثائقية جديدة تستكشف عملهم، القصصَ التي كانت وراء صورهم الأكثر شهرة.