حوار خاص: كريستوفر دولد

"لا تعتمد جهود الحِفظ وحماية الحيوان على ما نقوم به اليوم فقط، بل تمتد أيضًا لإلهام الأجيال الحالية والمقبلة لأجل لعب دور مهم في رعاية الحياة البحرية وحمايتها"، كريستوفر دولد. الصورة: Faseen Kannanchery

حوار خاص: كريستوفر دولد

قدم دولد خدماته بشغف على مدار عقود من الزمن في مجال إنقاذ الحيوانات وصون حياتها في مختلف أرجاء العالم.

قلم: إسحاق الحمادي

9 مارس 2023

يَشغل الدكتور "كريستوفر دولد" وظيفة كبير مسؤولي علم الحيوان لدى "سي وورلد باركس آند إنترتينمنت"؛ وهو عالم حيوان، وطبيب بيطري، وأحد الأسماء اللامعة في مجال صون البيئة. قدم دولد خدماته بشغف على مدار عقود من الزمن في مجال إنقاذ الحيوانات وصون حياتها في مختلف أرجاء العالم، إذ عَمِل -بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في العلوم والدكتوراه في الطب البيطري- لدى "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" بالولايات المتحدة؛ بالإضافة إلى مشاركته في تأسيس منظمة غير ربحية تُعنى بإنقاذ "فقمة هاواي الراهبة" وغيرها من الثدييات البحرية.

كيف تصف افتتاح مشروع "ياس سي ورلد أبوظبي" في منطقتنا العربية وتحديدًا في أبوظبي؟
يسعدنا في "سي وورلد باركس آند إنترتينمنت" هذا التوسع على المستوى الدولي، ونتطلع لبدء التعاون مع شركائنا في شركة "ميرال" لأجل تعزيز جهود صون البيئة البحرية في أبوظبي ومنطقة الخليج العربي عمومًا. يُعد مركز "ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ" بجزيرة ياس في أبوظبي أحدث مراكز "سي وورلد" المخصصة للبحوث والإنقاذ، وهو الأول لها خارج حدود الولايات المتحدة. كما يُعد هذا المركز الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وهو جزء مهم من شبكتنا العالمية التي تشمل ثلاثة مراكز أخرى في الولايات المتحدة مخصصة لحماية الحياة البرية والبحرية والنظم البيئية. وبالاستفادة من خبرة سي وورلد الطويلة التي تمتد لما يقرب 60 عامًا من الخبرة في إنقاذ الحيوانات وإعادة تأهيلها، فإننا نتطلع لمواصلة هذا الالتزام على الصعيد الدولي والذي أثمر حاليًا عن تأسيس أعمالنا رسميًا هنا في أبوظبي. 

كيف سيسهم "ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ" في صون الحياة البحرية بمنطقة الخليج العربي؟
تُعد "سي وورلد" من أكبر المؤسسات المعنية بإنقاذ الحيوانات البحرية في العالم، وتتولى مسؤولية إنقاذ وإعادة تأهيل الحيوانات منذ عام 1965، بهدف إعادة الحيوانات المتعافية إلى موائلها الطبيعية. ونفخر بنجاحنا في مساعدة أكثر من 40 ألف كائن حتى الآن، والتي شملت أعدادًا كبيرة من الدلافين وأسود البحر وثعالب البحر وخراف البحر والحيتان والسلاحف والطيور المائية، والكثير من هذه الكائنات مُصنفة ضمن الأنواع المهددة بالانقراض. في الوقت ذاته، ظلت الدراسات والأبحاث العلمية جزءًا لا يتجزأ من التزامنا بجهود الحِفظ الذي نقوم بها من خلال نشر الأبحاث، إذ نستعمل مرافق سي وورلد بوصفها بيئات بحثية خاضعة للرقابة؛ فضلًا عن تمويل ودعم المشاريع في أرجاء المعمورة. لقد شارك فريقنا بنشر أكثر من 400 مقالة وفصل وكتاب، ونتطلع لاستكمال هذا الإرث لرعاية الحيوانات والإنقاذ والبحث في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة العربية. وبالتعاون مع "سي وورلد أبوظبي"، يهدف هذا المركز الرائد إلى المساهمة في تطوير شبكة إنقاذ متقدمة للأحياء البحرية في هذه البقعة الجغرافية. وسيجري فريق البحث لدى المركز دراسات أساسية وتطبيقية تركز على البيئة البحرية في مياه الخليج العربي والتي تغطي موضوعات مثل، التنوع البيولوجي البحري، ومرونة النظام البيئي، والحفاظ على الحياة البرية الحساسة، واستعادة الموائل الحرجة، ومصائد الأسماك، والتلوث، وصحة الحياة البحرية.

نعتقد أن الخبرة والمعرفة العميقة التي اكتسبناها على مدار أكثر من 60 عامًا من دراسة النظم البيئية المماثلة والرعاية وإنقاذ الأنواع المماثلة سيكون لها تأثير كبير على جهود صون الأحياء البحرية في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. على سبيل المثال، تتشابه النظم البيئية في الخليج العربي مع العديد من المناطق في الولايات المتحدة التي نمتلك فيها خبرة طويلة من البحث العلمي وإنقاذ الحيوانات مثل خليج المكسيك. ويُعد الخليج العربي أحد مواطن الحياة البحرية الغنية والفريدة، وبعضها يشبه إلى حد كبير الأنواع الموجودة في الولايات المتحدة مثل الدلافين وأبقار البحر والسلاحف البحرية والشعاب المرجانية. فضلًا عن تمتع خبراء الإنقاذ وإعادة التأهيل -سواء أولئك الذين عملوا هنا أو في مرافق سي وورلد بالولايات المتحدة- بفهم عميق لما تحتاجه هذه الحيوانات للبقاء على قيد الحياة والازدهار من جديد.

ما تقييمك لجهود برامج صون الطبيعة وإعادة تأهيل الكائنات المهددة بالانقراض في دولة الإمارات؟
لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أخلاقيات ثقافية عميقة والتزام راسخ ببرامج الحِفظ والإشراف البيئي؛ وما مركز "ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ" إلا خير الأمثلة على هذا النهج البيئي. إذ سيعمل المركز بوصفه منارة معرفية وعلمية في آن لعلوم الحياة البحرية، وسيسهم بدور مهم في جهود صون الحياة البحرية في المنطقة وخارجها. يضم المركز عيادة إنقاذ، ومستشفى بيطري مجهز وفق أعلى المستويات، وأحواض لإعادة تأهيل الحيوانات البحرية، ومختبر، ومنشأة لتربية الأحياء المائية مجهزة لقيادة جهود رعاية الحياة البرية والبحرية المحلية والحفاظ عليها. ومن ناحية أخرى، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أن عام 2023 "عام الاستدامة"، وهي مبادرة وطنية تهدف لحماية البيئة واعتماد أفضل الممارسات المستدامة؛ وهي مثال آخر في غاية الأهمية ضمن الجهود التي تبذلها الإمارات لتكريس مكانتها الرائدة في برامج وخطط الاستدامة والحفاظ على البيئة في المنطقة العربية ككل.

ما البرامج التي تعمل عليها حاليًا لإعادة تأهيل الأنواع المهددة بالانقراض؟
هناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها تطبيق ما تعلمناه في حِفظ النظم البيئية البحرية. على سبيل المثال، قامت "سي وورلد" في الولايات المتحدة بجهود كبيرة لإنقاذ ودراسة "خروف البحر الهندي الغربي" الذي يعد أحد الأنواع المعرضة للانقراض. ابتكرنا طرقًا جديدة لمساعدة هذا الحيوان، بداية من تطوير تركيبات خاصة للحيوانات اليتيمة حديثة الولادة، وصولًا إلى التصوير بالموجات فوق الصوتية والعمليات الجراحية الجديدة المنقذة، ونجحنا في إعادة أعداد كبيرة من الحيوانات المتعافية إلى البرية حيث يمكنها التكاثر والازدهار مجددًا. وهذا ما سيركز عليه "ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ" من خلال مراقبة ودراسة "أبقار البحر" في مياه الخليج العربي. 

ما الذي نحتاجه لتثقيف الجمهور حول النظم البيئية المتهالكة، وكيف يمكنه مساعدة المجتمع العلمي؟
لا تعتمد جهود الحِفظ وحماية الحيوان على ما نقوم به اليوم فقط، بل تمتد أيضًا لإلهام الأجيال الحالية والمقبلة لأجل لعب دور مهم في رعاية الحياة البحرية وحمايتها. لذلك، يعد التعليم والتثقيف جزءًا رئيسًا مما نقوم به داخل وخارج مرافق سي وورلد المختلفة. ستواصل كل من "سي وورلد أبوظبي" و"ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ" هذا التقليد من خلال قسم تعليمي يضم علماء البحار والمتخصصين والخبراء في إنقاذ الحيوانات البحرية، إلى جانب فريق مشترك يضم أكثر من 50 معلمًا. إذ تضم مرافقنا قاعات دراسية جافة ورطبة مجهزة خصيصًا للاختبارات والأنشطة العلمية المتنوعة، بالإضافة إلى قاعة عالية التقنية للمحاضرات وورش العمل. وستُنظم برامجنا التعليمية في أماكن العمل وفي المدارس، مما يعني توفير فرص تعليمية للطلبة والمعلمين في مجالات علوم الحياة البحرية والحفاظ عليها. فضلًا عن مشاهدة العروض التفاعلية التي تُركز على النظم والموائل البيئية المختلفة في مياه الخليج العربي، وأنواع الحيوانات التي تعيش فيها؛ مما سيؤدي إلى تأسيس ارتباط وثيق بين الأفراد وعالم البحار والمحيطات المذهل. كما أن لقاء علماء البحار والتحدث معهم سيسهم في فهم التحديات التي تواجه هذه النظم البيئية لدى الجمهور بالعموم. لذا، نأمل أن تُسهم هذه الجهود التعليمية والتثقيفية في تعزيز أخلاقيات الحفاظ على الحياة البحرية لدى الجمهور، إذ سيؤدي إلى تغييرات سلوكية تحمي بيئتنا وكوكبنا على حد سواء.

 

وحيـش يأبى الثبات

وحيـش يأبى الثبات

ترقُّبُ اكتشافات الديناصورات يعني أن وجهة النظر بشأنها لا تفتأ تتغير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟

لحظات مذهلة

لحظات مذهلة

يحكي مصورو ناشيونال جيوغرافيك، من خلال سلسلة وثائقية جديدة تستكشف عملهم، القصصَ التي كانت وراء صورهم الأكثر شهرة.