مَهمة إماراتية تستكشف حزام الكويكبات

يُعد جزام الكويكبات بقايا أنقاض خلفها تكوين النظام الشمسي منذ ما يقرب من نحو 4.6 مليار سنة. الصورة: NASA/JPL-CALTECH

مَهمة إماراتية تستكشف حزام الكويكبات

يُجسد مشروع المركبة الفضائية الإماراتية نقلة معرفية هائلة في مجال استكشاف الفضاء وتطوير تقنياته وعلومه.

3 ديسمبر 2022

بأيدٍ إماراتية تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح رابع دولة في العالم تصل إلى حزام الكويكبات، وذلك بإطلاقها مركبة فضائية إماراتية في رحلة تقطع فيها نحو 3.6 مليار كيلومتر من أجل استكشاف حزام الكويكبات في المجموعة الشمسية. وتستغرق رحلة المركبة الإماراتية خمس سنوات تمتد من عام 2028 حتى عام 2033، وتأتي في إطار أهداف "مئوية الإمارات 2071"، التي تسعى إلى صياغة الكثير من المفاهيم والنظريات العلمية وتطوير قدرات الإمارات التقنية، إلى جانب الإجابة على تساؤلات ما تزال تستعصي على الحل تتعلق بنشأة الكون والمجموعة الشمسية.

ويُعد "حوار أبوظبي للفضاء"، الذي ينطلق تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الاثنين 5 ديسمبر الجاري ويستمر ليومين، منصة مثالية تستعرض من خلالها الإمارات مشاريعها النوعية لاستكشاف الفضاء، إذ تلعب الإمارات دورًا فعالًا في مناقشة الاحتياجات العالمية من القدرات الاستراتيجية والخدمات والبنى التحتية والقوانين والموارد الأساسية لقطاع الفضاء لإيجاد الحلول المناسبة لها. وتواصل دولة الإمارات كتابة فصول قصة إنجازاتها في قطاع الفضاء، والتي بدأتها بحلم للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" عندما التقى الفريق المسؤول عن رحلة "أبولو" إلى القمر في عام 1976.

وبعد الوصول إلى المريخ، وانطلاق رحلة الاستعداد للوصول إلى القمر، جاء الدور على استكشاف حزام الكويكبات في المجموعة الشمسية، إذ تسعى الإمارات لتحقيق أول هبوط عربي على كويكب يبعد عن كوكب الأرض بـ560 مليون كيلومتر. ويُعد هذا المشروع الوطني الطموح واحدًا من مشاريع الخمسين، إذ يتضمن تشييد مركبة فضائية إماراتية للوصول إلى سبع كويكبات ضمن حزام الكويكبات الواقع بين كوكب المريخ وكوكب المشتري، أي ما يعادل 7 أضعاف رحلة مسبار الأمل الذي نجح في قطع 493 مليون كيلومتر في الفضاء. وستتوج المركبة رحلتها بتنفيذ هبوط تاريخي على آخر كويكب ضمن رحلتها التي تستمر خمس سنوات تمتد من عام 2028 وحتى عام 2033. ويُشكل مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، محطة مستقبلية وحقبة جديدة في علوم الفضاء، إذ يجسد نقلة معرفية هائلة في مجال استكشاف الفضاء وتطوير تقنياته وعلومه، ليدخل بذلك أبناء وبنات الإمارات تحديًا واختبارًا جديدًا لتحقيق طموح المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في ريادة الفضاء.

يهدف "حوار أبوظبي للفضاء" إلى جعل دولة الإمارات منصة عالمية تلتقي فيها الجهود المشتركة بين كافة القطاعات المعنية بالفضاء.

استثمار في المستقبل
تؤكد المهمة الضخمة للإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات التزام الدولة بالعمل على استعادة أمجاد الحضارة العربية، وبأيدٍ إماراتية من شباب الوطن، ممن استثمرت الدولة في تعليمهم وتدريبهم وإكسابهم الخبرات والمهارات اللازمة في مختلف المجالات وعلى رأسها علوم الفضاء، التي ستكتب فيها الإمارات فصلًا جديدًا من فصول نجاحها في هذا القطاع الذي ما يزال في بداياته. ويعزز هذا المشروع الفضائي الاستكشافي الخطط الاستراتيجية للإمارات، والتي تعمل على رفع نسبة مساهمة القطاع الفضائي في الاقتصاد الوطني، باعتباره أحد قطاعات اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا، الأمر الذي يدعم تحقيق قفزات نوعية للاقتصاد الوطني، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، التي تسعى إلى تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة.

بيانات نادرة
يتماشى مشروع استكشاف حزام الكويكبات مع أهداف مئوية الإمارات 2071 والتي تسعى إلى تعزيز مستوى البحث العلمي وتدريس العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، لاسيما في مجالات الفضاء والهندسة والابتكار والعلوم الطبية والصحية، والتي تُعلي من مستوى الاحترافية والمهنية في المؤسسات التعليمية، وتكوين عقول منفتحة على تجارب الدول المتقدمة. ويتولى فريق إماراتي تنفيذ المهمة ليسطر بذلك تاريخًا من المجد للإمارات، ومستقبلًا مزهرًا حافلًا بالإنجازات في مجال العلوم الفضائية، الأمر الذي يعزز من موقع قطاع الفضاء الإماراتي الذي يُعد الأكبر على مستوى المنطقة من حيث الاستثمارات وحجم المشاريع. ويكرس هذا المشروع دور الإمارات في توفير بيانات مهمة ونادرة تتيح للمجتمع العلمي العالمي فهمًا أعمق وأدق لكشف بعض الألغاز التي ما تزال تستعصي على الحل عن الكون والمجموعة الشمسية، إذ سيوفر المشروع بيانات علمية غير مسبوقة عن 7 كويكبات ضمن حزام الكويكبات داخل المجموعة الشمسية.

ستتزود المركبة الفضائية الإماراتية بغلاف حراري وميكانيكي مختلف، نظرًا لتعرضها للإشعاع الشمسي ودرجات حرارة عالية بصورة مباشرة، حيث ستكون أقرب نقطة للمركبة الفضائية من الشمس على مسافة 109 ملايين كيلومتر.

كوادر وطنية
يستعين مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، بالخبرات والكوادر الوطنية الإماراتية التي تعمل في مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، والتي نالت شهادات علمية وتدريبات عملية أهلتها لقيادة هذا المشروع الطموح. وتحول هذه المهمة الضخمة الإمارات إلى مرجع معرفي دولي في علوم الفضاء، ومختبر مفتوح لبرامجه ومشاريعه وتقنياته المتقدمة، ومركز عالمي للبيانات والمعلومات المتخصصة، حيث تضع الإمارات حصيلة مهامها الفضائية ونتاجها المعرفي في هذا قطاع الفضاء الحيوي تحت خدمة الإنسانية والمجتمع العلمي العالمي. ويعمل فريق المشروع على تطوير المركبة الخاصة به، حيث ستستغرق هذه العملية منذ إطلاق المهمة في 2021 نحو 7 سنوات، على أن تكون جاهزة للانطلاق في رحلتها الفضائية، ضمن نافذة إطلاق تحدد لها بداية 2028.

إرادة تقهر التحديات
يواجه مطورو المركبة عددًا من التحديات لدى تصميم المركبة الفضائية الإماراتية للمهمة الجديدة والتي سيعملون على تجاوزها من دون أي خسائر تذكر، وذلك نتيجة طبيعة وظروف المنطقة المحيطة بحزام الكويكبات. وتتزود المركبة الفضائية بتغليف حراري وميكانيكي مختلف، نظرًا لتعرضها للإشعاع الشمسي ودرجات حرارة عالية بصورة مباشرة، حيث ستكون أقرب نقطة للمركبة الفضائية من الشمس على مسافة 109 ملايين كيلومتر، إضافة إلى تزويد المركبة الفضائية بأنظمة ملاحة وتوجيه وتحكم خاصة نتيجة عبورها عبر سديم من الأجرام السماوية، مع توفير أنظمة حرارية خاصة لتشغيل المركبة الفضائية بطاقة شمسية قليلة جدًا عند ابتعادها في رحلتها عن الشمس بمسافة 440 مليون كيلومتر.

استدامة اقتصاد المعرفة
ويُعد مشروع الإمارات حزام الكويكبات، الأضخم والأكبر ضمن مشاريع الإمارات الفضائية، إذ سيكون له تأثير كبير على استدامة اقتصاد المعرفة وتعزيز صناعة الفضاء في الإمارات، إذ يشجع الكوادر الوطنية لإنشاء مشروعات متخصصة في العلوم والتكنولوجيا والمجالات المرتبطة بالفضاء كالملاحة الفضائية وأنظمة التوجيه والتحكم، .كما سيقدم المشروع برامج متكامل لدعم تأسيس شركات إماراتية في قطاع الفضاء متخصصة في الصناعات الفضائية وعلومها، سينتج عنه تأسيس شركات متخصصة في هذا المجال تتولى تنفيذ 50% من المشروع . إضافة إلى ذلك، يستقطب المشروع الكثير من الكفاءات المواطنة التي ستعمل على تدشين مشاريع تدور في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، بالإضافة إلى عقد شراكات مع الجامعات من أجل تأهيل كوادر قادرة على إنجاز مهمات فضائية مقبلة، فضلًا عن تحول الدولة لوجهة جاذبة للكفاءات والمواهب العلمية من حول العالم، إلى جانب أن هذه المهمة ستعزز دور القطاع الخاص في القطاع الفضائي، حيث من المتوقع أن يلعب دورًا كبيرًا في هذا المجال، الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى تعزيز ريادة الإمارات في القطاع الفضائي.

بعد الوصول إلى المريخ، وانطلاق رحلة الاستعداد للوصول إلى القمر، جاء الدور على استكشاف حزام الكويكبات في المجموعة الشمسية، إذ تسعى الإمارات لتحقيق أول هبوط عربي على كويكب يبعد عن كوكب الأرض بـ560 مليون كيلومتر.

أجسام فلكية
يقع حزام الكويكبات بين مداري كوكب المريخ وكوكب المشتري، ويتضمن كويكبات وأجسامًا فلكية مكونة من الأحجار والمعادن، وتتفاوت أحجام هذه الأجسام الفلكية من جسيمات الغبار وحتى كويكبات بقطر يصل إلى 1000 كيلومتر، ولعبت جاذبية كوكب المشتري دورًا كبيرًا في تكوين هذا الحزام. ويتكون حزام الكويكبات من قرص نجمي دوار يقع بين كوكبي المريخ والمشتري على بعد 300 إلى 450 مليون كيلومتر من الشمس وهو ما يعادل من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف المسافة بين الأرض والشمس. ويعادل حجم حزام الكويكبات 50 تريليون كيلومتر مكعب. ويضم مليارات الأجسام والأجرام التي يتراوح حجمها من أحجار صغيرة إلى كويكبات يبلغ حجمها ثلث حجم القمر.

منصة عالمية
يُذكر أن "حوار أبوظبي للفضاء" يهدف إلى جعل الإمارات منصة عالمية تلتقي فيها الجهود المشتركة بين كافة القطاعات المعنية بالفضاء، حيث يعمل على توحيد الرؤى والأفكار واستعراض أهم التحديات، والخروج برؤية مشتركة وموحدة. وتتمحور أهداف الحوار حول مناقشة الاحتياجات العالمية من القدرات الاستراتيجية والخدمات والبنى التحتية والقوانين والموارد الأساسية، وتوفير منصة عالمية للدول الناشئة والكبرى في قطاع الفضاء لعرض منجزاتها وتطويرها وتقديم رؤى جديدة لإدارة الفضاء وتنميته جنبًا إلى جنب مع الدول الكبرى والتي بدأت مسيرتها في قطاع الفضاء منذ فترة طويلة.

علوم

"سلطان النيادي" يعود إلى الإمارات

"سلطان النيادي" يعود إلى الإمارات

يعود اليوم النيادي إلى أرض وطنه بعد بعد إكماله لنحو 4000 ساعة عمل في الفضاء.

سلطان النيادي يجري تجربة ارتداء بذلة "سبيس إكس"

علوم فلك

سلطان النيادي يجري تجربة ارتداء بذلة "سبيس إكس"

يواصل النيادي استعدادات العودة إلى كوكب الأرض بعد إنجاز المَهمة التي امتدت لـ6 أشهر، شارك خلالها في أكثر من 200 تجربة علمية.

صورة جديدة مذهلة لـ "السديم الحلقي"

علوم فلك

صورة جديدة مذهلة لـ "السديم الحلقي"

جرى من قبل رصد بنية السديم الحلقي من خلال تلسكوبات الهواة، وتمت دراستها لعدة سنوات، لكن الصورة الجديدة رصدت مزيجا من الجزيئات البسيطة والمعقدة وحبيبات الغبار.