كهربة المركبات.. طريقنـا إلى الأمـام

يسير درّاجون خلال أخدود يعلو مدينة ماليبو بكاليفورنيا على درّاجات كهربائية لا يكاد يُسمع لها صوت. نظّم الجولةَ "هارلان فلاغ"، مالك "هوليوود إليكتريكس"، وهو متجر لبيع الدرّاجات الكهربائية يروّج لمتعة ركوب درّاجات هادئة نظيفة بدلًا من أخرى هادرة تعمل بالبنزين. بل حتى "هارلي-ديفيدسون" أخذت تبيع الآن درّاجات كهربائية.

كهربة المركبات.. طريقنـا إلى الأمـام

سيارة "تويوتا" من طراز "لاند كروزر" محوَّلة إلى نوع كهربائي، تخضع لقيادة تجريبية لدى محطة "نغونغ هيلز" لتوليد الطاقة بالرياح في كينيا. تمثّل مصادر الطاقة المتجددة أكثر من ثلثي الطاقة في هذا البلد، الذي حدّد أهدافًا طامحة لتقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. أما "تخضير" وسائل النقل (أي جعلها رفيقة بالبيئة) فسيكون مَهمّة كبرى؛ ففي كينيا معظم السيارات والشاحنات والدرّاجات الآلية تُستورد مستعمَلةً وتعمل بالبنزين أو الديزل.

Pro WEB 102135

في ما مضى كان يُنظر إلى السيارات الكهربائية على أنها مملّة وغير عملية، أما اليوم فقد صارت مقبولة حتى من عشّاق سباقات التسارع. وفي هذه الصورة الملتقطة في يونيو 2021 بصحراء موهافي، يختبر صنّاعٌ من شركة "إي. في. ويست"، سيارتهم "إلكترالاينر" المجهَّزَة بمحركٍ وبطاريات من شركة "تيسلا". ويسعون لتحطيم الأرقام القياسية للسرعة الأرضية بمركبات كهربائية. حققت نسخة سابقة من هذه السيارة معدلَ سرعة بلغ 396 كيلومترًا و 124 مترًا في الساعة خلال اختبارين.

كهربة المركبات.. طريقنـا إلى الأمـام

سيتطلّب نجاح ثورة عالمية في وسائل النقل كميات ضخمة من موادّ مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنغنيز والغرافيت، لصنع البطاريات. في قريتَي "تاوبويميا" و"تابونغاييا" الإندونيسيتين اللتين تعيشان على صيد السمك، جلبَ تعدين النيكل وظائفَ بأجور تعادل أجور العاملين في العاصمة، جاكرتا. ولكن تآكل التربة والجريان السطحي اللذَين يحدثان بعد إزالة الغابات، يمكن أن يضرّا بالأحياء البحرية القريبة من القريتين.Muhammad Fadli

كهربة المركبات.. طريقنـا إلى الأمـام

قطعت شركات تصنيع السيارات أشواطا كبيرة في تطوير مركبات رفيقة بالمناخ. فخلال شهر واحد فقط من كشف "فورد" عن نسخة كهربائية من شاحنتها الصغيرة المكشوفة الرائجة "إف-150"، كان العملاء قد حجزوا أكثر من 100 ألف وحدة منها. السعر الأساسي للطراز "إف-150 لايتنينغ" هو 40 ألف دولار، أي أنه أكثر بنحو 10 آلاف دولار من سعر الشاحنة الأصلية العاملة بالبنزين؛ لكن "فورد" تقول إن تكاليف صيانة الطراز الكهربائي ستكون أقل بكثير.

كهربة المركبات.. طريقنـا إلى الأمـام

انطلقت ثورة خضراء في عالم السفر.. فسوق السيارات الحديثة العاملة بالبطاريات رائجة، والطائرات معدومة الانبعاثات ستظهر قريبًا.

قلم: كريغ ويلش

عدسة: ديفيد غاتنفيلدر

1 أكتوبر 2021 - تابع لعدد أكتوبر 2021

النقل الـبري
الرهان الكبير على السيارات النظيفة

لدى مصنع تجميع سيارات "فولكس واغن" في مدينة تشاتانوغا بولاية تينيسي الأميركية، تُحلّق هياكل السيارات عاليًا فوق الأرض الإسمنتية، محمولَةً على منصات متحركة كما لو أنها مقاعد في مركبات مدن الملاهي. وفي كل 73 ثانية، يُخفَّض أحدُها ليوضع على منظومة حركة ومن ثم يرتفع جسم السيارة وهيكلها التحتيّ معًا. وإذْ أُتابع هذا المشهد، ينزلق عمّالٌ يحملون مفاتيح ربط شبيهة بالمسدّسات على كراسي بعجلات تحت سيارة من طراز "باسات" تطوف إلى جانبهم عند مستوى الصدر؛ فيُثبّتون واقيات ضد الصخور وصفائح انزلاقية أسفل الهيكل التحتي قبل إغماد أدواتهم بانتظار السيارة التالية.

على امتداد 320 ألف متر مربّع، يتحرّك نحو 3800 عامل و 1500 روبوت على إيقاع الوقفات والانطلاقات المتتابعة طيلة اليوم، مصنّعين بعضًا من أكثر السيارات العاملة بالبنزين شهرةً على الطرق، بمعدّل 45 سيارة في الساعة، أو 337 سيارة في ورديّة العمل الواحدة؛ أي ما يزيد على 1.1 مليون منذ انتهت "فولكس واغن" من بناء هذا المصنع عام 2011. لهذا الموقع تاريخ معقّد. فابتداءً من الحرب العالمية الثانية وعلى مرّ العقود الثلاثة التالية، كان المقاولون العسكريّون قد عالجوا حمض النتريك والكبيريتيك هنا لصناعة مادّة "تي. إن. تي." المتفجّرة، مُخزّنينَ الذخائر في حاويات إسمنتية كبيرة في الغابات المجاورة. وقد أَحرقت الأبخرةُ السامّة المنبعثة من المصنع الأزهارَ وصفّرت الأوراقَ الإبرية لأشجار الصنوبر على امتداد كيلومترات. أما اليوم، وفي مدينةٍ كانت تشكو ذات يوم أسوأَ تلوّث للهواء في الولايات المتحدة، وعلى موقع سابق للأسلحة كان له إسهام كبير في خلق تلك الأجواء القذرة، فإن شركةً للسيارات مَوصومة بإرثٍ غير مشرّف خاص بالانبعاثات العادمة (إذ احتالت "فولكس واغن" على القوانين الناظمة للتلوّث طيلة سبعة أعوام) تسعى لجعل منظومة النقل بالولايات المتحدة رفيقة بالبيئة.

فقريبًا سينتج المصنعُ أول سيارة "فولكس واغن" كهربائية مصنوعة في هذا البلد. إذ ستبدأ عام 2022 عملية الإنتاج بكميّات كبيرة لسيارة رياضية مدمجة متعددة الأغراض تدعى "آي دي. 4" (ID.4)، وسيكون ذلك على خطّ تجميعها الحالي، بتقسيم عمليات إنتاج السيارات بينها وبين السيارات العاملة بالبنزين كي يتمكّن المصنع من التجاوب بسلاسة للطلبات المتغيّرة. وخلال زيارتي للمصنع في ربيع عام 2021، وجدت هذا التحوّل قد سار على قدمٍ وساق.. وأخذ يجري. في أثناء جولتي السياحية لرؤية خط التجميع، أبصرتُ فريقًا من خبراء "فولكس واغن" اللوجستيّين يتفقدون قائمة طويلة مذهلة من التعديلات على منظومة الإنتاج. السيارات الكهربائية بالكامل أبسط من نظيراتها العاملة بالبنزين. إذ ليس لها خزّان وقود، ولا مكابس ولا شمعات إشعال.. ولا عوادم. "إنها باختصار تضم قِطعًا أقل"، يقول "كريس ريريغ"، مهندس خطوط التجميع، وهو يصيح ليطغى صوته على صوت هدير المصنع.

بالمقابل، فإن للسيارات الكهربائية بطّاريات ضخمة. في "فولكس واغن"، تُجمَّع حُزَم البطاريات -تزن الحزمة الواحدة نحو 500 كيلوجرام- في منشأة تقع على الجانب الآخر من الشارع وتُنقل إلى المصنع بمركبات ذاتية القيادة. وستكون كل حزمة بطاريات مغلّفة بصفيحة تتخلّلها عروق مليئة بسائل تبريد، وستركّب أسفل الهيكل التحتي للسيارة الكهربائية باستعمال مثبِّت مؤَتمَت للبراغي. وسيعمل الجهاز الآلي نفسه، على تثبيت درع حرارية عندما يأتي الدور على سيارة تعمل بالبنزين. ويتطلّب جعلُ كل هذا يعمل بسلاسة "شيئًا من الرقص" على حد وصف "نوا والكر"، المشرف على ريريغ، الذي يقولها بلهجة تنمّ عن الإرهاق. وتشير حقيقةُ أن "فولكس واغن" وشركات أخرى كثيرة تعمل على أداء هذه الرقصة، إلى أننا قد وصلنا إلى لحظة حاسمة لكوكبنا. فهذه الشركة، وصناعة السيارات عمومًا، أخذت تحيد عمّا جعل "فولكس واغن" أكبرَ شركة مصنّعة من حيث الإيرادات؛ ألَا وهو: محرك الاحتراق الداخلي الذي ينفث ثاني أوكسيد الكربون.

وإذ يحثّ مزيدٌ من الناس والحكوماتُ العالمَ على الاستعجال في اتخاذ إجراءات لمواجهة التغيّر المناخي، فإن السيارات والشاحنات تخضع لأكبر عملية تغيير منذ ظهور السيارات أول مرة على الطرق قبل أكثر من 100 سنة. وتتصارع الشركات الناشئة والأسماء الكبرى في عالم صناعة السيارات على حدٍّ سواء لتفوز بموطئ قدم على ما وجده روّاد هذه الصناعة فجأة خيرَ طريق نحو الأمام: مَركبات لا تنفث غازات عادمة. وقد ازدادت شعبية هذه المركبات وفق معظم المعايير. وهكذا وجدنا بين ليلة وضحاها أن عصر السيارة الكهربائية قد حَلّ فعلًا.

ومع ذلك، فقياسًا بالجدول الزمني المطلوب لمواجهة التغيّر المناخي، نجد أن التحوّل عن المركبات العاملة بالبنزين ما زال يَحدث ببطء شديد جدًا. فالأرقام القياسية للحرارة العالمية تظل تحطَّم بزيادة إطلاق غازات الدفيئة الملوِّثة، مثيرة حالات شديدة من الجفاف والحرائق المدمّرة من حافة المنطقة القطبية الشمالية إلى أستراليا. أما الصفائح الجليدية الذائبة فتتسبّب في ارتفاع مستويات البحر، رافعةً معدّلات حدوث الفيضانات تزامنًا مع ازدياد العواصف شدّة. ولتجنّب هلاك ملايين البشر، تقول "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيّر المناخي" إن العالم بحاجة إلى تقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وصولًا إلى الصفر في أفق عام 2050، بل ويفضّل أن يتحقق ذلك قبله.
وبالنظر إلى حقيقة أن نحو ربع الانبعاثات العالمية مَصدره مختلَف أنواع وسائل النقل، فهل بمقدورنا أن ننفطم عن السيارات العاملة بالبنزين في وقتٍ كافٍ لتحاشي أسوأ التداعيات؟ وهل بمقدورنا تحقيق ذلك من دون إحداث مصيبة بيئية جديدة؟ شركات ناشئة عديدة ونسبة كبيرة من "الحرس القديم التقليدي" (الشركات الرائدة في صناعة السيارات) تراهن بمستقبلها -وبمستقبلنا كذلك- على أن ملايين المستهلكين جاهزون أخيرًا لهذا التحوّل.

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"
أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab

 

وحيـش يأبى الثبات

وحيـش يأبى الثبات

ترقُّبُ اكتشافات الديناصورات يعني أن وجهة النظر بشأنها لا تفتأ تتغير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟

لحظات مذهلة

لحظات مذهلة

يحكي مصورو ناشيونال جيوغرافيك، من خلال سلسلة وثائقية جديدة تستكشف عملهم، القصصَ التي كانت وراء صورهم الأكثر شهرة.