توسع الإنسان العاقل خارج إفريقيا كان رهن التقلبات المناخية

أسلاف الإنسان المعاصر وجِدوا في إفريقيا قبل 300 ألف سنة ثمّ غادروها لاستيطان قارات مجاورة. الصورة: National Geographic

توسع الإنسان العاقل خارج إفريقيا كان رهن التقلبات المناخية

تشير أغلبية البيانات الأثرية والوراثية إلى أن موجة الهجرة الكثيفة حدثت قبل ما بين 70 ألف سنة و60 ألفا.

26 أغسطس 2021

قبل أن يتوسّع الإنسان العاقل خارج القارة الإفريقية قبل نحو 65 ألف سنة، خاض أكثر من مرّة غمار أوراسيا سالكًا طريقه بحسب التقلّبات المناخية، في مسار استعادته دراسة حديثة.
وتحظى الفرضية المعروفة بـ "الخروج من إفريقيا" (آوت أوف أفريكا) بإجماع في الأوساط العلمية في العالم. وهي فرضية مفادها أن أسلاف الإنسان المعاصر وجِدوا في إفريقيا قبل 300 ألف سنة ثمّ غادروها لاستيطان قارات مجاورة.
وتشير أغلبية البيانات الأثرية والوراثية إلى أن موجة الهجرة الكثيفة حدثت قبل ما بين 70 ألف سنة و60 ألفا، مشكّلة بداية توسّع الإنسان العاقل في المعمورة التي اندثرت عن وجهها أصناف بشرانية أخرى، مثل إنسان نياندرتال.
غير أن آثارا أكثر قدمًا اكتشفت لهذا الإنسان المعروف علميًا باسم هومو سابيينس خارج إفريقيا، وذلك في السعودية (تعود إلى ما قبل 85 ألف سنة) وفي إسرائيل (100 ألف سنة على الأقلّ) وفي اليونان (210 آلاف سنة)، وفق هذه الدراسة المنشورة في "نيتشر كوميونيكايشنز".
وتدلّ هذه المعطيات على أن انتشار الإنسان العاقل خارج الحدود الإفريقية لم يحصل دفعة واحدة بل خلال موجات متعدّدة امتدّت على مئات آلاف السنوات. وخلال تلك الرحلات، تقاطعت جينات هذا الصنف البشري مع أصناف أخرى أبرزها إنسال نياندرتال الذي كان موجودًا في أوروبا.
لكن من الصعب تحديد التواريخ المضبوطة لموجات الهجرة هذه وأسبابها ومساراتها نظرً إلى السجلات الأحفورية وآثار الحمض النووي الضنينة.
وللتعويض عن هذا الشحّ، شكّل علماء نماذج تحاكي التقلّبات المناخية في العصر الحجري القديم على امتداد 300 ألف سنة، بالاستناد إلى أحدث نماذج المحاكاة المناخية العالية الدقّة.
وكانت النماذج السابقة تعود إلى ما قبل 125 ألف سنة لا غير، بحسب هذه الدراسة التي أشرف عليها كلّ من أندريا مانيكا (قسم علم الحيوانات في جامعة كامبريدج) وروبرت ماير (معهد الأبحاث حول المناخ في بوتسدام).
وأضيفت إلى هذه البيانات تقديرات بشأن النسبة الدنيا من المتساقطات اللازمة لصمود الإنسان العاقل الذي كان من الصيادين وقاطفي الثمار، في وجه التغيرات المناخية القصوى. واعتمدت عتبة 90 ميليمترا من المتساقطات في السنة والتي لا وجود لأي أثر بشري دونها وهي قريبة من تلك المسجّلة في المناطق الصحراوية.وسمحت النتائج بتحديد هوامش توسّعية استفاد خلالها الإنسان العاقل من ظروف مناخية مؤاتية ليغادر مهده الإفريقي في فترات تفصل بينها عشرات آلاف السنوات.
وكان أمامه مسلكان للوصول إلى شبه الجزيرة العربية، من شمال البحر الأحمر (عبر مصر حاليا ثمّ الصعيد)، أو من الجنوب عبر مضيق باب المندب الذي يفصل اليوم بين جيبوتي واليمن.
وكان المسلك الشمالي مفتوحا بشكل متقطّع، خصوصا قبل أول فترة فاصلة بين مدّتين جليديتين، ما بين -246 ألف سنة و-200 ألف سنة. ثمّ جعلته الظروف المناخية قاحلا جدا للبشر قبل أن يصبح سالكا مجدّدا ما بين -130 ألف سنة و-96 ألف سنة ثمّ ينقطع مجددا.
وكانت فرص عبور البحر الأحمر من الجنوب أكثر تعدّدا، لكنّ ذلك مع الأخذ بفرضية أن الرحلات البحرية كانت ممكنة. واستعرضت الدراسة ثلاث فترات طويلة كان المناخ فيها رطبا بما فيه الكفاية ومستوى البحر منخفضا نسبيا لتيسير التنقّل.
وهذه السيناريوهات "تتماشى بالكامل" مع المعطيات الأثرية المتوافرة، فضلًا عن "عمليات تأريخ التقاطعات الجينية بين الإنسان العاقل وإنسان نياندرتال، قبل ما بين -250 ألف سنة و130 ألف سنة"، بحسب الباحثين.
وهم خلصوا إلى أن الخروج المتقطّع من إفريقيا والمنافسة المحتملة مع أصناف بشرانية أخرى هما من العوامل التي حالت دون استقرار الإنسان العاقل في أوراسيا في تلك الفترة.
لكن المدّة الممتدّة ما بين -65 ألف سنة و-30 ألف سنة شهدت ظروفًا مناخية مؤاتية جدّا ولم يكن فيها عرض مضيق باب المندب يتخطّى 4 كيلومترات، وهي ظروف مثالية للخروج من إفريقيا وغزو القارات الأخرى.

المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية

استكشاف

عيــن تَرقُب السماء

عيــن تَرقُب السماء

في ولاية ويسكونسن، عاود أكبر تليسكوب كاسر للضوء في العالم فتح أبوابه أمام الزوار.

حياة أخـرى.. متخيلــة

استكشاف

حياة أخـرى.. متخيلــة

ترى إحدى الكاتبات أن ناشيونال جيوغرافيك كانت بمنزلة بوابة الطفولة إلى ما يتيحه عالمنا من إمكانيات لا نهاية لها. وكانت أيضًا مصدر إلهام لكتابها الأخير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟