"الربيع الصامت": كيف انتصر كتاب على مادة "دي دي تي"

مازالت بعض بلدان العالم تستخدم مادة "دي دي تي" لمكافحة الحشرات رغم التحذيرات من تأثيراتها السلبية على الحياة البيئية ومنع استخدامها في أوروبا والولايات المتحدة. الصورة: shutterstock

"الربيع الصامت": كيف انتصر كتاب على مادة "دي دي تي"؟

أطلقت الكاتبة "راشيل كارسون" تحذيرًا شديد اللهجة من استخدام مادة "دي دي تي" القاتلة للحشرات عبر كتابها "الربيع الصامت"؛ لتغدو واحدة من القصص الملهمة في صون البيئة والنضال من أجل عالم أفضل.

15 ابريل 2021

كم أخاف أن يأتي الربيع المقبل صامتاً بلا طيور تغرد في الغابة
ويشوه شكل النجوم والقمر
 راشيل كارسون

على الرغم من أن الكتب ربما تكون دائمًا أقل شهرة من الحروب والصراعات، إلا أنها قد تُحدث أثرًا في حياة البشر، هكذا كان كتاب "الربيع الصامت" للكاتبة وعالمة الأحياء "راشيل كارسون"، والذي صدر عام 1962.

ولدت كارسون في ولاية بنسلفانيا الأميركية، بحماس ازداد يومًا بعد يوم، لم يضاهيه سوى حبها للكتابة والشعر. وكان لديها سجل حافل بالموضوعات العلمية الشيقة، لكن كتاب" الربيع الصامت" يعد الأشهر والأهم في مسيرتها العلمية. من خلال هذا الكتاب تُذكر كارسون بأنها المرأة، التي تحدت فكرة البشر بأنهم قادرين على ترويض الطبيعة من خلال المواد الكيميائية. خلال تلك الحقبة كانت مادة "دي دي تي" بعد الحرب العالمية الثانية، ملء السمع والبصر، إذ تم استخدامها بوصفه مسحوقًا فعّالًا في التخلص من الحشرات في جزر جنوب المحيط الهادي المسببة للملاريا التي انتشرت بين جنود القوات الأميركية، وحصل مخترعها على جائزة نوبل. على عكس العديد من المبيدات الحشرية، التي تنحصر فعاليتها في تدمير نوع أو أكثر من الحشرات. كانت مادة "دي دي تي" قادرة على قتل مئات الأنواع في وقت واحد.

كتاب "الربيع الصامت" لكارسون دق ناقوس الخطر محذرًا من خطورة استخدام مادة "دي دي تي" في إسكات أشكال الحياة

كان الموت بسبب الأمراض، التي تنقلها الحشرات للبشر على أشده، وكانت حجة المصنعين لهذه المادة القاتلة أنه لم يسبق في التاريخ أن أنقذت مادة كيميائية واحدة الكثير من الأرواح في مثل هذا الوقت القصير، لكن ذلك كان وجهًا واحدًا للقصة. لم يسبق كارسون في التحذير من مادة "دي دي تي" القاتلة سوى أشخاص قليلون كان أبرزهم "إدوين واي تيل"، الذي حذر من أن الرش العشوائي لهذه المادة "المعجزة" سوف يتسبب في كوارث بيئية جمة، لكن تحذيراته لم تجد صدى واسعًا مثل كارسون. في عام 1958 تلقت كارسون، رسالة من صديق حول عمليات القتل الكبيرة، التي حدثت في ولاية ماساتشوستس نتيجة رش مادة "دي دي تي"، كانت هذه الرسالة بمثابة الخطوة الأولى، التي جعلت كارسون تكرس جُل وقتها للكتابة عن هذه المادة القاتلة.

استغرق كتاب" الربيع الصامت" 4 سنوات للانتهاء منه، ليخرج إلى النور متضمنًا الوصف الدقيق لعملية دخول مادة "دي دي تي" في السلسلة الغذائية، وتراكمها في الأنسجة الدهنية للحيوانات، وتأثيراتها القاتلة على البشر. وكان الفصل الأكثر شهرة في الكتاب بعنوان "حكاية من أجل الغد"، يعتمد على قصة مدينة أميركية دون تسميتها في سرد مثير للذكريات، تضررت المدينة من مادة "دي دي تي"، إلى حد إسكات جميع أشكال الحياة فيها، من الأسماك والطيور وأزهار التفاح وصولًا إلى البشر.

حقق كتاب" الربيع الصامت "نجاحًا هائلًا، إذ كان بمثابة تحفة فنية احتشد خلفه الآلاف، لتنمو الحركة البيئية من مجرد طائفة أرستقراطية ضيقة إلى حركة جماهيرية ليبرالية. وجلب الكتاب معه عواء السخط من المسؤولين عن الصناعات الكيميائية، هاج أحدهم قائلا: "إذا اتبع الإنسان تعاليم الآنسة كارسون بإخلاص فسنرجع إلى العصور المظلمة، وترك الحشرات والأمراض الأرض مرة أخرى". ولم يتوقف سيل الهجوم عند هذا الحد، امتدت الحرب لاغتيال كارسون معنويًا بالتشكيك في نزاهتها وسلامتها العقلية، إلى أن أمر الرئيس الأميركي آنذاك "جون كيندي" بفحص القضايا، التي أثارها الكتاب، وكانت المفاجأة أن ثبتت رؤى كارسون العلمية بالدليل القاطع. نتيجة لذلك أصبح تداول مادة "دي دي تي" تحت إشراف حكومي أكبر من ذي قبل، إلى أن تم حظرها في نهاية المطاف عام 1972، وبقي كتاب" الربيع الصامت" بمثابة جرس إنذار للبشرية جميعًا.

علوم

في بحث رائد مع الأكاديمية الصينية للعلوم

فهم جينات الشاهين يساعدنا في حمايته

صندوق محمد بن زايد يكتشف الجين الوراثي المحوري في توجيه هجرة صقور الشاهين 

"سلطان النيادي" يعود إلى الإمارات

علوم فلك

"سلطان النيادي" يعود إلى الإمارات

يعود اليوم النيادي إلى أرض وطنه بعد بعد إكماله لنحو 4000 ساعة عمل في الفضاء.

سلطان النيادي يجري تجربة ارتداء بذلة "سبيس إكس"

علوم فلك

سلطان النيادي يجري تجربة ارتداء بذلة "سبيس إكس"

يواصل النيادي استعدادات العودة إلى كوكب الأرض بعد إنجاز المَهمة التي امتدت لـ6 أشهر، شارك خلالها في أكثر من 200 تجربة علمية.