سياحة الفضاء: حلم البشر يقترب

يتوافد اليوم المئات لشراء تذاكر من أجل رحلة سياحية إلى الفضاء، في مشهد لم يكن في مخيلة "عباس بن فرناس" (أول من حاول الطيران في التاريخ) أن يستوعبه قبل 13 قرنًا، حين كان حلم البشر هو البقاء لدقائق معدودات في الهواء. هؤلاء الركاب الأثرياء أو سعداء الحظ يتحضرون للمشاركة في إحدى المهمات الفضائية الخاصة المنتظرة. شركتا "فيرجن غالاكتيك" و"بلو أوريغين" تطورا حاليًا مركبات بمقدورها إرسال سائحين لدقائق معدودة فوق حدود الفضاء أو ما يُطلق عليه "الرحلات الفضائية دون المدارية". وبحسب "غلين كينغ"، مدير برنامج التدريب الفضائي في مركز "ناستار سنتر"، فإن حوالى 400 شخصًا تدربوا بالفعل في مقر الشركة بولاية بنسيلفانيا الأميركية، ممن بينهم عجوز يبلغ 88 عامًا.

يستمر برنامج التدريب على رحلة الفضاء يومين فقط، مع دروس نظرية صباحية ثم عمليات محاكاة عدة في جهاز طرد مركزي بشري. ويدفع السائح مبلغ يتراوح بين 4 و10 آلاف دولار تبعًا لحاجة التدريب. في السابق، كان يمكن للتدريبات التي تجريها وكالة "ناسا" أن تستمر لمدة عامين. ووفقًا لكينغ "بالنظر إلى تزايد عدد الأشخاص الذين يريدون السفر إلى الفضاء كان ينبغي تقليص هذه الفترة إلى بضع أيام.. وهذا الأمر ممكن لأن الزبائن ليسوا سوى ركاب. ولا مهام كثيرة يتولونها خلال هذه الرحلات باستثناء بعض الاسترخاء". ويتوقع كينغ نسبة نجاح البرنامج بنحو 99.9 بالمئة. ويضيف أنه درب أشخاصًا يضعون أطرافًا صناعية بينما يعاني أحدهم مرض السكري، لذا فإن الأمر لا يتطلب أن يكون المسافرين بصحة جيدة.

تعتزم شركة فضاء إرسال أول رحلة سياحية بدون رائد فضاء محترف في سبتمبر المقبل.

اشترى نحو 600 شخص تذاكر لرحلات مع "فيرجين غالاكتيك". وتتراوح كلفة التذكرة بين 200 ألف و250 ألف دولار، كما وتضم قائمة الانتظار آلاف الأسماء. وكانت الوكالة الأميركية المشرفة على الطيران، "إف إيه إيه"، أوصت منذ عام 2006 بأن يجيب "الركاب التجاريون" المستقبليون في رحلات الفضاء دون المدارية، على استبيان بسيط يتناول سجلهم الطبي وأيضا الصحة الذهنية. في المقابل، يكون الاستبيان مفصلًا أكثر ويترافق مع فحوص طبية للرحلات الخاصة المدارية التي تدوم لفترة أطول وتذهب مسافات أبعد.

وفي سبتمبر من هذا العام، ستكون رحلة "إنسبيرايشن 4" الأولى في العالم التي ترسل مدنيين من دون أن يكون برفقتهم أي رائد فضاء محترف. وقد استأجر الملياردير الأميركي "جاريد أيزاكمان" على نفقته الخاصة صاروخ "فالكون 9". وفي يناير 2022، تعتزم شركة "أكسيوم سبايس" إرسال رائد فضاء سابق مع ثلاثة مبتدئين إلى "محطة الفضاء الدولية". وتسعى الشركة على المدى الطويل إلى تسيير رحلات إلى محطة الفضاء الدولية بواقع مرة كل 6 أشهر.

ويظل السؤال، متى يدخل العالم عصر السياحة الفضائية للعامة؟ يجيب "روبرت غوليتش"، من جامعة "إمبري-ريدل للدراسات الفضائية": "دخول مستثمر جديد قد يسرّع الجدول الزمني، أو على العكس قد يحصل حادث ويؤخر ذلك. لكن يتعين احترام ثلاثة معايير هي الأمان، والربحية واحترام البيئة".

المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية