"مشروع براري أوكافانغو" الذي ترعاه "الجمعية الجغرافية الوطنية" (الأميركية) هو مسعى لدراسة منابع المياه التي تغذّي الدلتا، على أمل أن يساهم ذلك في حمايتها.

عند رؤية "دلتا أوكافانغو" من الفضاء، من مكانٍ عالٍ فوق إفريقيا، فإنها تبدو كزهرة شعاعية هائلة مضغوطة على مشهد الأراضي الواقعة بشمال بوتسوانا.. زهرة تميل ساقُها باتجاه الجنوب الشرقي انطلاقاً من حدود هذا البلد مع ناميبيا؛ أما أوراقها التويجية التي تشكّلت...

أوكافانغو أكبر واحات العالم

عند رؤية "دلتا أوكافانغو" من الفضاء، من مكانٍ عالٍ فوق إفريقيا، فإنها تبدو كزهرة شعاعية هائلة مضغوطة على مشهد الأراضي الواقعة بشمال بوتسوانا.. زهرة تميل ساقُها باتجاه الجنوب الشرقي انطلاقاً من حدود هذا البلد مع ناميبيا؛ أما أوراقها التويجية التي تشكّلت...

:عدسة كوري ريتشاردز

1 ابريل 2018

عند رؤية "دلتا أوكافانغو" من الفضاء، من مكانٍ عالٍ فوق إفريقيا، فإنها تبدو كزهرة شعاعية هائلة مضغوطة على مشهد الأراضي الواقعة بشمال بوتسوانا.. زهرة تميل ساقُها باتجاه الجنوب الشرقي انطلاقاً من حدود هذا البلد مع ناميبيا؛ أما أوراقها التويجية التي تشكّلت من المياه الفضيّة، فتنفرج على امتداد 150 كيلومتراً عبر "حوض كالاهاري". إنها واحدة من المناطق الرطبة الرائعة على كوكبنا: بقعة واسعة من القنوات والأهوار والبحيرات الصغيرة الداعمة للحياة البرية وسط منطقة شديدة الجفاف في القارّة الإفريقية. رغم كل ما سبق إلا أن هذه الدلتا لا تصبّ في البحر؛ بل هي محاطة تماماً بحوض كالاهاري الجافّ، وتنتهي على طول حدودٍ جنوبية شرقية مختفية في رمال كالاهاري. ويمكن عَـدُّها أكبر واحة في العالم؛ وهي ملاذ يوفر أسباب العيش للفيَـلة وأفراس النهر والتماسيح والكلاب البرية الإفريقية؛ وكذلك ظباء التيل وظباء السبخات وغيرها من ظباء المناطق الرطبة؛ إلى جانب الخنازير الوحشية الثؤلولية والجواميس والأسود وحُمُر الزَّرَد (الحمر الوحشية المخططة)، وطيور مثيرة للعجب بتنوّعها وكثرتها. كما تعد دلتا أوكافانغو موطناً لصناعة سياحية تقدّر قيمتها السنوية بمئات ملايين الدولارات. ولكن إنْ نظر المرء إليها من مكان عالٍ في الفضاء، فلن يرى أفراس النهر وهي مسترخية في مراقدها النهارية، ولن يرى الكلاب البرية وهي تسترخي في ظل الشجيرات الشوكية، ولا تعابير السرور التي تعلو وجوه الزوّار والمستثمرين المحليّين. كما أنه لن يرى مصدر كل تلك المياه. كل تلك المياه تقريباً يأتي من أنغولا، جارة بوتسوانا المعقّدة، والتي تفصلها عنها دولة. فالمياه تنبع من المرتفعات الرطبة لوسط أنغولا غزير الأمطار، وتجري نحو الجنوب الشرقي للبلد، ويكون جريانها سريعاً في مجرى أساسي هو نهر "كوبانغو"، وبطيئاً في مجرًى آخر هو نهر "كويتو"، حيث تجتمع في بحيرات تشكل مصادر للمياه، ثم ترشح ببطء عبر السهول الفيضية (أراضٍ تنغمر بمياه المدّ) العشبية، ورواسب الخُثّ، والرمال التي تحتها.. ومن ثم تسيل مشكِّلة روافد. ويجتمع نهرا كويتو وكوبانغو لدى الحدود الجنوبية لأنغولا، مشكلَين نهراً أكبر هو نهر "أوكافانغو"، الذي يجري قاطعاً "شريط كابريفي"، وهو قطعة جغرافية ضيقة من ناميبيا، ويدخل أراضي بوتسوانا. وينساب سنوياً ما معدّله 9.4 تريليون لتر من المياه إلى بوتسوانا. ولولا نعمة المياه هذه التي تصل إلى هذا البلد كل عام من أنغولا، لما كان لدلتا أوكافانغو وجود، بل لكانت شيئاً آخر.. وذاك الشيء الآخر ما كان ليشمل أفراس نهرٍ ولا ظباءً سبخية ولا عقبان سمك إفريقية. فلو تخيّلنا أن الجنوب الإفريقي ملعب غولف شاسع، لكانت أوكافانغو -دون تلك المياه الغزيرة- مجرّد واحدة من مطبّات الملعب الرملية فيه. والتغيّرات الجارية حالياً أو المنظورة، المتعلقة باستعمال الأراضي وتحويل مجرى المياه والكثافة السكانية والتجارة.. كلها تجعل من ذاك المشهد القاتم (أي المطبّات الرملية) احتمالاً حقيقياً. لذا فقد حظي نهرا كويتو وكوبانغو باهتمام كبير لدى بعض الأوساط. ولذلك أيضا انطلق إلى المنطقة فريق دولي في مسعًى عظيم للاستكشاف وجمع البيانات ودعم حفظ الطبيعة، ضمن "مشروع براري أوكافانغو". يتألف هذا الفريق من العلماء، والمسؤولين الحكوميين، ومخططي الموارد الطبيعية، والمستكشفين الشباب الجريئين. جمعَ الفريقَ رجلٌ شديد الحماسة من جنوب إفريقيا يُدعى "ستيف بويز"، وهو عالمُ أحياء متخصّصٌ بحفظ الطبيعة. ويحظى المشروع بدعم من لدن "الجمعية الجغرافية الوطنية" (الأميركية). يُدرك جميع هؤلاء أن عافية دلتا أوكافانغو ومستقبلها مهدّدان، وأن عافية المنطقة الجنوبية الشرقية من أنغولا ومستقبلها مهدّدان كذلك. "إننا نلعب في الوقت بدل الضائع"، هكذا قال لي "ستيف بويز" ونحن نجلس لدى مخيّم على طول نهر كوبانغو في وقت سابق من هذا العام، بعد أن أمضينا يوماً طويلاً ونحن نجذّف زوارق "موكورو"، هابطين مجرى النهر. وُلد بويز في مدينة جوهانسبيرغ حيث نشأ وشبَّ على حب الطبيعة، وعمل سنوات طوال بوظائف عديدة: من نادل إلى مناصر للطبيعة ودليل سياحي، إلى مدير لمخيّم في دلتا أوكافانغو. وقد تمكّن خلال مسيرته المهنية تلك من نيل شهادة دكتوراه. وبحلول عام 2007، أصبح شديد الوعي بمشكلة مصادر المياه، فحاول إطلاق صافرات الإنذار بين أبناء شعب بوتسوانا، لكن جهوده تكسرت على صخرة الاعتقاد السائد لدى هؤلاء بأن ذلك قَدَر محتوم. "لم يكونوا مهتمّين"، يقول الرجل عن البوتسوانيين وهو يستذكر رداً نمطياً يجري على لسانهم، إذ كانوا يرددون أن أنغولا مكان سيء وفظيع حقاً، ومن العار أن ينتهي عمر النهر. كان عدم الاكتراث ذاك كفيلاً بأن يدفع بويز إلى التحرّك؛ فأخذ يرنو شمالاً، باتجاه منابع المياه. فأقسم على نفسه قائلاً: "سنفعلها! سنحاول أن نفهم ما طبيعة هذه المنظومة المائية". وفي الواقع، لم يكن يأمل بأن يفهمها فحسب، بل وأن يساعد في الحفاظ عليها.

وحيـش يأبى الثبات

وحيـش يأبى الثبات

ترقُّبُ اكتشافات الديناصورات يعني أن وجهة النظر بشأنها لا تفتأ تتغير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟

لحظات مذهلة

لحظات مذهلة

يحكي مصورو ناشيونال جيوغرافيك، من خلال سلسلة وثائقية جديدة تستكشف عملهم، القصصَ التي كانت وراء صورهم الأكثر شهرة.