إجازات مقدسة

في مكان ما من هذا العالم، تجري التحضيرات لوجبةٍ أو لطقس أو لقربان في إطار إقامة الشعائر الدينية.. على الأرجح من طرف أتباع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية أو الهندوس. فلو احتفل الكاثوليك بكل يوم من أيام القديسين أو أحيا الهندوس عيد ميلاد كل إله من آلهتهم، لكان ذلك على مدار العام بأكمله تقريباً.
ويشمل التقويم اليهودي عشرات الأعياد الدينية، لكن التوراة لا تفرض سوى التقيد الصارم بالأعياد الخمسة الأكثر قدسية. ولا يحتفل المسلمون أيضاً سوى بحد أدنى من الأعياد. ففي الإسلام، تُخصَّص الاحتفالات الكبرى للعيدين الرئيسين: عيد الفطر تتويجاً لشهر رمضان، وعيد الأضحى ختاماً لموسم الحج.
ويظل وضع جدول زمني للأعياد التي يحتفل بها على نطاق واسع أتباع الديانات التسع الكبرى في العالم -كما هو مبين أعلاه- مَهمة ليست باليسيرة. فالبلدان والمناطق والطوائف على اختلافها تحتفل بأعيادها الدينية على طريقتها الخاصة؛ بل إن هناك ديانات تتبع تقويماً فريداً من نوعه. فالتقويم القمري في الصين يمتد على دورة قوامها ستون عاماً، أما الهند فتستخدم عدة أنواع من التقاويم.
وتعليقاً على ذلك يقول "غوردون ميلتون"، أستاذ الدين لدى "جامعة بايلور" ومؤلف كتاب "الاحتفالات الدينية" الموسوعي: "سيكون على مختلف الدول في كل عام خوض معركة سياسية من أجل إضافة إجازة أو تغييرها". وساهم إنشاء "خط التاريخ الدولي" عام 1884 في إرجاء الأعياد التي كانت تبدأ عند غروب الشمس إلى اليوم التالي في العديد من البلدان. وفي الوقت الحالي، يمكن أن تتأثر جدولة إجازات الأعياد بأمور مثل الإنتاجية الاقتصادية؛ وهو السبب الذي جعل مواقيت بعض الاحتفالات تتغير في كل عام لتمتد طوال إجازة نهاية الأسبوع.
ويظل عيد الميلاد (الكريسماس) الإجازة الفدرالية الدينية الوحيدة في الولايات المتحدة، في حين تتبع البلدان الأخرى نهجاً أكثر شمولا في إقامة الاحتفالات الدينية. ففي المجتمع الهندي المعروف بتعدد الآلهة، يَحقّ للمواطنين اختيار ما شاؤوا من إجازات من قائمة إجازات أعياد المسيحيين والمسلمين والسيخ والبوذيين، فضلاً عن 28 عيداً من أعياد الهندوس الدينية المعتمدة. يقول ميلتون: "في ظل البيئة الدينية المختلطة الحديثة، يُعد أخذ إجازة تحظى بقبول الحكومة خطوةً أولى نحو قبول الجمهور للمجموعات الدينية الأصغر حجماً".